الصقر العربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الصقر العربي


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 امنت بالاسلام ثلاث مرات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


ذكر عدد الرسائل : 106
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 22/06/2008

امنت بالاسلام ثلاث مرات Empty
مُساهمةموضوع: امنت بالاسلام ثلاث مرات   امنت بالاسلام ثلاث مرات Icon_minitimeيوليو 5th 2008, 4:24 am

آمنت بالإسلام ثلاث مرات: الأولى بالوراثة، وكانت أمي هناك، والثانية بالدراسة وكان عقلي هناك، والثالثة بالبديهة، وكان قلبي هناك.
في البدء قالت أمي: إن الله موجود ويحبنا.. ثم ارتدت حجابها الأبيض فبدت
في عيني كالقمر المستدير.. رفعت كفها في خشوع وتهيب، وقالت: الله أكبر..
ثم بدأت الصلاة.. انساب الصوت الجميل في وجداني، ولم يصمت إلى الأبد، ومثل
قرد مدرب شرعت أحاكيها راكعا ساجدا مبتهلا.
وكبرت أكثر.. صارت قامتي أطول.. وفهمت أكثر.. أردت أن يكون لي إيماني
الخاص.. لماذا أعتبر نفسي على الحق لمجرد أنني ولدت مسلما، وكان ممكنا أن
أولد على دين آخر؟لذلك رحت أقرأ وأدرس.
لا شك أنني كنت محظوظا حينما وقعت كتب العقاد بين يدي في وقت مبكر، لم
أشعر قط بصعوبة لغته برغم الزعم الشائع، أفكاره الواضحة جعلت إيماني مبنيا
على أسس منطقية قابلة للنقل وللتكرار، وهذا هو عين التفكير العلمي الذي
نطالب به بلا انقطاع.
لقد عقد العقاد مقارنات مستفيضة بين الأديان، وتجولت معه عبر الأزمان..
شاهدت طفولة العقل البشري حين عبد الإنسان الطوطم والأسلاف والأجرام
السماوية، واستمعت لأناشيد إخناتون الذي اعتبره الغربيون أول الموحدين،
برغم ما شاب عقيدته من عبادة الشمس، وأصغيت معه لدروس أرسطو الذي اعتبر
الإله لا يعمل ولا يريد ولا يعقل ذاته ولا يهتم بالخلق، باختصار كمال مطلق
يوشك أن يكون والعدم سواء.
وقرأت معه أسفار العهد القديم (في نسخته المحرفة): "يهوا" إله شعب إسرائيل
الذي جعلوه يحب رائحة الشواء، ويتمشى في ظلال الحديقة ليتبرد بهوائها،
ويصارع عباده ويصرعونه.
ثم سطعت شمس الحقيقة المحمدية واتصلت السماء بالأرض.. أشرقت الأكوان بدعوة
الإسلام لإله منزه عن الشرك، مبرأ عن العصبية وسلالة النسب، منزه عن
التشبيه الذي تسرب من بقايا الوثنية إلى الأديان الكتابية.
يأتي الإسلام ليدعو إلى ملك الناس إله الناس.. {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى *
وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى}.. خالق الموت
والحياة.. غني لا حدود لغناه، واحد لا شركاء له سبحانه تعالى عما يشركون.
إله رحيم تفتح كل سورة من كتابه "بسم الله الرحمن الرحيم".. دينه دين
العدل والرحمة.. يصحح تلك الصورة الخاطئة التي جاءت في فلسفة أرسطو بأنه
لا يعقل ذاته ولا دونها ليؤكد أنه عالم الغيب والشهادة، وهو بكل خلق عليم.
الإسلام وعرش الضمير
لقد كانت النبوة تختلط مع السحر والكهانة والجنون المقدس، وتقوم على
الغرائب والأعاجيب، هكذا عرفتها ديانات العبريين، ونطقت بها صفحات العهد
القديم ولم يرتفع أكبر أنبيائهم عن مطلب الكشف عن الغيب والاشتغال
بالتنجيم.
ثم جاء محمد.. ليس بكاهن ولا ساحر ولا مجنون.. لا يعلم الغيب.. لا يملك
خزائن الأرض.. لا يستطيع دفع السوء عن نفسه فضلا عن قومه.. رسالته الهداية
ولا شأن له بصناعة الخوارق والمعجزات ويقول لمن يطالبه بها: {سُبْحَانَ
رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً} [الإسراء:93].
كان عقلي هناك يدرس ويستخلص.. دين لا يعرف الخطيئة الموروثة، ولا يحاسب
الأبناء بذنب الآباء والأجداد والشيطان قوة بلا سلطان ما لم يستسلم لها
الإنسان بإرادته.
بهذه العقيدة الوجدانية الفكرية أقام الإسلام عرش الضمير، دين بلا وسيط أو
كهانة، يصلي حيثما أدركته الصلاة مستقبلا الليل والنهار واقفا بين يدي
الله، متذكرا حق الروح في صيامه، ونصيب الإنسانية في زكاته، ويحج إلى بيت
لا سلطان فيه لأحد على أحد.
هذا هو الإسلام الذي آمن به عقلي؛ مساواة بين الناس، وتأكيد المسئولية
الفردية، وحكم قائم على الشورى، ونبي يقول: "لا فضل لعربي على عجمي إلا
بالتقوى.. كلكم لآدم وآدم من تراب.. يا فاطمة بنت محمد سليني ما شئت من
مالي لا أغني عنك من الله شيئا".
هكذا كان إيماني
هكذا كان إيماني، لا موضع فيه للخوارق والمعجزات الحسية؛ لأنني بصراحة لا
أحتاج إليهما، كان عقلي مطمئنا، ولكني كنت أعلم أن هناك مسافة يقطعها
القلب، وهكذا كان إيماني الثالث.
في كل إنسان على وجه الأرض، في أعماقه السحيقة، حنين إلى الخالق العظيم
وشوق إلى نقطة النور، فطرة مبثوثة في نفوس الجميع تعود لعالم الذر قبل خلق
الإنسان نفسه.
في كل واحد منا تلك النفخة من روح الله، هذه الذرة المضيئة العابدة.. يقول النفري: "متى غبت حتى أحتاج إلى دليل يدل عليك؟!".
لا إله إلا الله هي بديهة الكون ينطقها بكل وسيلة ممكنة.. كل زهور الحدائق
ورقصات العصافير ونداءات الكروان، صفاء اللون الأزرق، وزهو الأحمر وتبتل
الأخضر وطهر الأبيض، التناسق العجيب المدهش في عالم الجماد والأحياء،
رقصات الحب وقت التزاوج، سقوط الأوراق في الغابات الاستوائية، غرائز
الحشرات، رحلة الضوء عبر المجرات، موسيقى الأفلاك.
حتى السؤال الحائر: هل يوجد إله؟ مجرد طرحه يحمل إجابته.. من خلق هذا
العقل الذي يطرح أسئلة؟ كيف استطاعت تلك الكتلة الهلامية التي تدعى المخ
أن تعي ما حولها، وتفكر وتتذكر وتحب وتكره وتؤمن وتتشكك؟ أي نبضات
كهربائية ومواد كيمائية وملايين العمليات المعقدة تحدث كل ثانية؟
أليس هذا السؤال -في حد ذاته- معجزة ربانية تشي بمصدرها!!
تأمل معي ذلك التعبير القرآني الفريد في سورة الأنعام، كيف يرسم لنا صورة
علم الله الشامل المحيط، ويرسل سهاما بعيدة المدى تشير إلى آفاقه.. استمع
إلى قوله تعالى: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ
هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن
وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ
رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [الأنعام:59].
إن الخيال البشري لينطلق وراء النص القصير يرتاد آفاق المعلوم والمجهول،
وعالم الغيب وعالم الشهود، ويرتاد أستار الغيوب.. مفاتحها كلها عند الله
لا يعلمها إلا هو.. يجول في مجاهل البر وغيابات البحر المكشوفة كلها لعلم
الله.. يتبع الأوراق الساقطة من أشجار الأرض، لا يحصيها عدا، وعين الله
على كل ورقة تسقط، ويلحظ كل حبة مخبوءة في ظلمات الأرض لا تغيب عن عين
الله، ويرقب كل رطب ويابس في هذا الكون العريض.. جولة في الزمان والمكان
تدير الرؤوس وتذهل العقول.
وما تسقط من ورقة

إن هذا المشهد الواسع العميق، الورق الساقط من شجر الأرض جميعًا والحب
المخبوء في أطواء الأرض جميعا والرطب واليابس في أرجاء الأرض جميعا لا
يتجه إليه الفكر البشري في التعبير عن العلم الشامل المحيط.. إنه المشهد
الذي يتكشف هكذا بجملته لعلم الله وحده، المشرف على كل شيء، المحيط بكل
شيء.. الصغير كالكبير، والحقير كالجليل والمخبوء كالظاهر.
وهناك في هذه الآية آفاق من التناسق العجيب {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها
إلا هو} المجهول المطلق في مقابل المنظور على سعة وشمول تناسب عالم الغيب
المحجوب {ويعلم ما في البر والبحر}.
{وما تسقط من ورقة إلا يعلمها}.. حركة الموت والفناء والسقوط والانحدار
يقابلها حركة البزوغ والنماء، المنبثقة من الغور إلى السطح في اندفاع
وانطلاق {ولا حبة في ظلمات الأرض}.. {ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب
مبين}.. إنه التعميم الشامل، الذي يشمل الحياة والموت والازدهار والذبول
في كل حي على الإطلاق.
كل خلية من خلايا الكائن الحي تشهد بمصدرها، تجمع الذرات والجزيئات يشهد
بخالقها، نشأة الكون وحركته، معجزة الخلق التي تتكرر ملايين المرات كل
يوم، ملايين الملايين من العمليات التي تتم في كيان الإنسان في اللحظة
الواحدة، ماضي الكون، حاضره ومستقبله وما وراءه من قدرة وتدبير وقوى ظاهرة
وخافية، أكبر من الكون نفسه وتشي بمصدره، حقيقة الذات الإلهية التي لا
تدركها الأبصار ولا تحيط بها العقول.
كون مأنوس حي ساجد، فلماذا لماذا لا أؤمن بالإسلام؟
المادة منتقاة من جواهر تفسير ظلال القرآن لسيد قطب رحمه الله بتعليقات وإضافات من كاتب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://al-saker.yoo7.com
 
امنت بالاسلام ثلاث مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» افضل ثلاث برامج عالميا بدون منازع

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الصقر العربي :: "المنتديات الاسلامية" :: التوحيد الاسلامي-
انتقل الى: